السبت، 27 يناير 2018

---- ذو الحمار ---

--- ذو الحمار ---
بقلم الشاعر / حسن قصوحا
******************************
من فرط صبري
اتخذت قراري 
بلا تفكير ولا سابق إشعار
بالعودة إلى قريتي دون انتظار 
فقريتي في أقفر القفار
ولا وجود لها على خرائط الأمصار 
لا طريق توصل إليها ولا قطار 
ولا تيار جارف يقود إليها ولا جرار
فقد اتخذت قراري 
و أنا حر في قراري
فتوكلت على الواحد القهار
وامتطيت صهوة حماري 
بعدما تزودت بالخبز والماء
ومصحف و بعض الثمار 
ولم أنس- طبعا- شعير حماري
بعد شهر من هواجس الليل 
وجوارح النهار
وتحدي الجبال والشعاب و الأنهار
وصلت باب قريتي وقت الإبكار
فطوقت أنا وحماري
هذا يحمل معولا وذاك منجلا
وآخر حبالا طوال
فقريتي بكر لم تطأها 
رجل غريب عن الديار
فصحت بأعلى صوتي
أنا فلان بن علان بن كلان
فاستبشرت الوجوه
وعلت أصوات التهليل والتكبير 
وكأني عدت مظفرا من غزوة ذي قار 
ولم يكن ينقصني إلا سيف 
علي -ذو الفقار -
استظافتني خيمة في الجوار
فأكلت ما تيسر من خبز يابس
ما بقي من ثماري
ثم غفوت فنمت طول النهار
وفي الغد،وعلى متن حماري
جبت القرية وضواحيها بلا انتظار
فصدمت أمام كل الأنظار
طوق يلفه طوق
وحصار يحضنه حصار
حياة تحيى في هامش الحياة
لا مدارس ولا مشافي ولا بيادر
ولا ماعز ولا بقر ولا لبنا هادرا 
ولا بعير ولا حوافر خيل ولا مقابر
---فالناس تموت فتلتهم جثتهم
الوحوش والكواسر---
ولا انهار تسري ولا مجاري
ولا خضرة أشجار ولا ترانيم أطيار
ولاحمرة صيف ولا ثمار
إلا طفولة تنتحر في ضوء النهار
وعجائز تقبل على الحياة بإصرار
معفرة الوجه مستسلمة للأقدار
فقررت الإدبار على متن حماري
وفي صدري أكثم اندحاري وانكساري
والأطفال يرددون ورائي 
يا ذي الحمار....يا ذي الحمار
بلغ سلامنا الحار 
لذوي السلطان والقرار.

حسن قصوحا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق